فصل: أخبار ابن جهور.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.أخبار ابن جهور.

كان رئيس الجماعة أيام الفتنة بقرطبة أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور بن عبد الله ابن محمد بن المعمر بن يحيى بن أبي المغافر بن أبي عبيدة الكلبي هكذا نسبه ابن بشكوال وأبو عبيدة هو الداخل إلى الأندلس وكانت لهم وزارة الدولة العامرية بقرطبة واستبد جهور هذا سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة لما خلع الجند المعز آخر خلفاء بني أمية ولم يدخل في أمور الفتنة فاستولى على المملكة ورتب الأمور ولم يتحول عن داره إلى قصر الخلافة وكان علي سنن أهل الفضل يعود المرضى ويشهد الجنائز ويؤذن عند مسجدهم بالربض الشرقي ويصلي التراويح ولا يحتجب عن الناس فأسندوا أمرهم إليه إلى أن يوجد خليفة إلى أن خاطبهم محمد بن إسماعيل بن عباد يعرفهم أن هشاما المؤيد عنده بإشبيلية وأكثر في ذلك فخطب له بقرطبة بعد مراوضات ثم أتي به إلى قرطبة فمنعوه الدخول وأضربوا عن ذكره في الخطبة وانفرد ابن جهور بأمرهم إلى أن هلك في محرم سنة خمس وثلاثين وأربعمائة ودفن بداره وولي ابنه أبو الوليد محمد بن جهور باتفاق من الكافة فجرى علي سنن أبيه وكان قد قرأ على مكي بن أبي طالب المكي وغيره فكان مكرما لأهله واستوزر ثقته إبراهيم بن يحيى فكفاه وهلك كما هو معروف ففوض التدبير إلى ابنه عبد الملك فأساء السيرة وتكره إلى الناس وحاصره ابن ذي النون بقرطبة فاستغاث بمحمد بن عباد فأمده بالجيش ووصى عسكره بذلك فداخلوا أهل قرطبة وخلعوه سنة إحدى وستين وأخرجوه عن قرطبة واعتقل بشلطليش إلى أن هلك سنة اثنتين وسبعين وولى ابن عباد على قرطبة ابنه سراج الدولة وقدمها من بلنسية ودخلها إلى أن قتل بها مسموما وحمل إلى طليطلة فدفن بها وزحف المعتمد بن عباد بعد مهلكه إلى قرطبة فملكها سنة تسع وستين وقتل ابن عكاشة واستخلف ابنه المأمون الفتح بن محمد وصار غرب الأندلس كله في ملكه إلى أن دخل المرابطون الأندلس وغلبوا عليهم سنة أربع وثمانين وأربعمائة فقتل الفتح وحمل أباه المعتمد إلى آغمات كما ذكرناه ونذكره والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.

.أخبار ابن الأفطس صاحب بطليوس من غرب الاندلس ومصاير أمره.

ملك بطليوس من غرب الأندلس عند الفتنة واهتياجها أبو محمد عبد الله بن مسلمة التجيبي المعروف بابن الأفطس واستبد بها سنة إحدى وستين وأربعمائة فهلك وولي من بعده ابنه المظفر أبو بكر واستفحل ملكه وكان من أعاظم ملوك الطوائف وكانت بينه وبين ابن ذي النون حروب مذكورة وكذا مع ابن عباد بسبب ابن يحيى صاحب مليلة أعانه ابن عباد عليه فاستولى بسبب ذلك على كثير من ثغوره ومعاقله واعتصم المظفر ببطليوس بعد هزيمتين هلك فيهما خلق كثيروذلك سنة ثلاث وأربعين ثم أصلح بينهما ابن جهور وهلك المظفر سنة ستين وأربعمائة وتولى بعده ابنه المتوكل أبو حفص عمر بن محمد المعروف بساجة ولم يزل سلطانا بها إلى أن قتله يوسف بن تاشفين أمير المرابطين سنة تسع وثمانين وأربعمائة وقتل معه أولاده أغراه به ابن عباد فلما تمكنت الاسترابة من المتوكل خاطب الطاغية واستراح إليه مما دهمه وشعر به ابن عباد فكاتب يوسف بن تاشفين واستحثه لمعاجلته قبل أن يتصل بالطاغية ويتصل بالثغر فاغذ إليه السير ووافاه سنة فقبض عليه وعلى بنيه وقتلهم يوم الأضحى حسبما نذكر في أخبارهم ورثاه ابن عبدون بقصيدته المشهورة وهي:
الدهر يفجع بعد العين بالأثر ** فما البكاء على الأشباح والصور

عدد فيها أهل النكبات ومن عثر به الزمان بما يبكي الجماد وسنذكر قصتهم في أخبار لمتونة وفتحهم الأندلس والله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.

.أخبار باديس بن حسون ملك غرناطة والبيرة.

كان عميد صنهاجة في الفتنة البربرية زاوى بن زيري بن مناد أجاز إلى الأندلس على عهد المنصور فلما هاجت الفتنة البربرية وانحل نظام الخلافة كان فحل ذلك الشول وكبش تلك الكتائب وعمد إلى البيرة ونزل غرناطة واتخذها دارا لملكه ولما بايع الموالي العامريون للمرتضى المرواني وتولى كبر ذلك مجاهد العامري ومنذر بن يحيى بن هاشم التجيبي وعمد إلى غرناطة فلقيهم زاوي بن زيري في جموع صنهاجة وهزمهم سنة عشرين وأربعمائة وقتل المرتضى وأصاب زاوي من ذخائرهم وأموالهم وعددهم ما لم يقتنه ملك ثم وقع في نفسه سوء آثار البربر بالأندلس أيام هذه الفتنة وحذر مغبة ذلك فارتحل إن سلطان قومه بالقيروان واستخلف على غرناطة ابنه فدبر القبض على ابن رصين ومشيخة غرناطة إذا رجعوا عن أبيه وشعروا بذلك فبعثوا إلى ابن أخيه ماكس بن زيري من بعض الحصون فوصل وملك غرناطة واستبد بها إلى أن هلك سنة تسع وعشرين وأربعمائة وولي ابنه باديس وكانت بينه وبين ذي النون وابن عباد حروب واستولى على سلطانه كاتبه وكاتب أبيه إسماعيل بن نغزلة الذمي ثم نكبه وقتله سنة تسع وخمسين وقتل معه خلقا من اليهود وتوفي سنة سبع وستين وأربعمائة وولي حافده المظفر أبو محمد عبد الله بن بلكين بن باديس وولى أخاه تميما بمالقة بعهد جده وخلعهما المرابطون سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة وحملا إلى أغمات ووريكة واستقرا هنالك حسبما يذكر بعد في أخبارهم مع يوسف بن تاشفين والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.